في نهاية كل عام هناك رسالة نصية في البريد الالكتروني"أحبك"
في بعض الأحيان لا نتوقف عن الاهتمام على الرغم من المسافات

لطالما كانت لدي علاقة غير مستقرة مع الوقت، من الممكن بسبب صعوبة اللغة العربية أو ضعفي لإتقان هذه اللغة. منذ الصغر أكتشفت أنني لا أستطيع التعبير عن ذاتي بشكل واضح وعلى الرغم من أن البعض أعتبر ذلك دلع بنات ولكنها كانت مشكلة حقيقية فأنا لا استطيع التفريق بين الأفعال ولذلك الماضي والحاضر والمستقبل سواء. إنه من الصعوبة التفكير في كيفية إسناد اللغة للوقائع الملموسة للماضي والحاضر والمستقبل؛ أن القواعد التي نستخدمها يمكن أن تعكس ما حدث بالفعل وتعبر عن الأمل لما هو قادم. قصتي حقيقية ولكن بدلا من البحث عن الخاتمة هناك العديد من الاسئلة التي لا يمكن معرفة إجاباتها النهائية.
في الخامس عشر من ديسمبر من كل عام اتلقى رسالة عبر بريدي الالكتروني الاول منذ كان عمري ثمانية عشر عاما "أفتقدك عزيزتي أحبك". هذه الرسائل تأتي من صديقي الأول الذي لم يحاول الاتصال أبدا! كنت صغيرة عندما بدأت علاقتنا، وبعد حوالي ستة أشهر من العلاقة أكتشفت أننا ننتمي الى عالمين مختلفين، تحدثنا بجدية وبحثنا في جميع الخيارات للتقدم في هذه العلاقة ولكن القرار الصائب الوحيد كان الإنفصال. افترض أن الرسالة التي يبعثها كل عام تهدف إلى إحياء ذكرى علاقتنا أو حدادًا على موت حياتنا المحتملة كشركاء. وقد كرّس تفانيه في تلك الرسائل للتذكير في تاريخ انفصالنا وما لم يحدث وكل ما كنت أعرفه أنه رغب في حدوثه. لقد حولت هذه الرسائل الشرط النحوي إلى طريقة للوجود في العالم: ديسمبر هو الشهر الذي كان من الممكن أن تولد حياة جديدة تجمعنا معا.
في بعض السنوات أشعر بالانزعاج من الوقاحة الكامنة وراء العاطفة أو بالغضب من الانجرار إلى قصة حزينة لا أريد أي جزء منها. ولكن في أوقات أخرى أجب على الفور: "آمل أن تعتني بنفسك. أحبك أيضا." المضحك أني أشعر بموجة من الحنان عندما أكتب تلك الكلمات. ولكن أنا لا أحبه ولكني أحاول فقط أن أقول شيئًا لطيفًا لأنني أشعر بالشفقة على مسرحه الكئيب. ثم مرة أخرى في عام آخر قرأت رسالته على عجلة ولم تعني شيئا مثل اي بريد عشوائي. في شهر ديسمبر من كل عام كانت ردة فعلي مفاجأة بالنسبة لي.
لماذا لم أطلب منه التوقف؟ ليس لدي إجابة واضحة. الغريب أنني لست عادة شخصًا يخجل من المواجهة أو لديه مشكلة في التعبير عن رغباته. هل هذا يعني أن جزءًا مني يريد أن يستمر بالحصول على هذه الرسالة مرة واحدة سنويًا؟ لماذا أستمر في تحمل هذه الرسائل؟ عندما حاولت التعمق أكثر في سيكولوجية ما أشعر بدأت أفكر أن هذه الرسائل عبارة عن باب خاص بي، فبدلا من البحث عن خاتمة ما زالت هناك العديد من الاسئلة أبحث عن الاجابة المناسبة لها! العلاقة كانت مستحيلة ولكن ماذا لو؟ لقد أحترم خياري على الرغم من أنه كان حزين القلب ولم يلوموني على الاطلاق. ربما يكون من السهل جدًا استنتاج أن الانفصال أتاح لي الحياة التي أحياها اليوم: فقد أكملت دراستي العليا والتحقت بالعمل الذي أريد، ولكن اذا استمرت تلك العلاقة كان بإمكاني أن أفعل كل شيء أيضًا؟ كان من الممكن أن يكون مختلفًا لكن ليس مستحيلًا. أكيد لن أعرف ذلك أبدًا. هل هذا هو الشعور بالندم؟ أحاول دائما معرفة ما هو ذلك الاحساس الذي أشعره بمعدتي؟ أهو الحنين إلى الماضي بالنسبة للمرأة التي كنت أو كان من الممكن أن أكونها لا أدري ولكن هذا هو الأقرب للسلام الداخلي.
أفكر في الفتاة البالغة من العمر 18 سنة التي اعتدت أن أكونها الى الشابة التي كانت في أوائل العشرينات وعملت أول وظيفة بدوام كامل لها بعد المدرسة. اليوم أتخيلني من جديد ، أكتشف إمكانيات جديدة ومدهشة في كل مرة. العيش في الوقت الحالي هو طريقة لرؤية الماضي ولكن ليس كقصة ثابتة ولكن كقصة يعمل عليها الحاضر باستمرار. الحاضر هو الذي يحدد الماضي وليس العكس. يمكنني كتابة الحاضر بأي طريقة أختارها وبوتيرتي الخاصة. هناك دائمًا ما يكفي من الوقت لكتابة قصتك، فالماضي جزء من الحاضر وتستطيع دائما التغير، على الرغم من اداركي تلك الحقيقة متأخرة، إلا أنني أعلم الان أن لدي الوقت الكافي.